بين متعة الرسم الكرتوني وتهديدات التلاعب العميق

 

انتشرت مؤخرًا تطبيقات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتعديل الصور الشخصية، من تحسين الجودة وإضافة الفلاتر الجمالية، إلى تقنيات أكثر تقدمًا وخطورة مثل التزييف العميق (Deepfake).  وبينما تبدو هذه الأدوات مسلية وبريئة، فإنها تخفي وراءها تهديدات حقيقية على المستويين الأخلاقي والأمني، خصوصًا فيما يتعلق بخصوصيتنا وبياناتنا الشخصية.

ما الذي يحدث فعلًا؟ الذكاء الاصطناعي لا يعمل من فراغ، بل يعتمد على البيانات لتعلّمه وتحسين أدائه. وصورنا الشخصية، التي نرفعها طوعًا لهذه التطبيقات، هي بالضبط ما يحتاجه.

خذها قاعدة: “أي تطبيق مجاني يعرض عليك خدمة تبدو ممتعة، فالثمن الحقيقي الذي تدفعه غالبًا هو: بياناتك.”

فما المخاطر الفعلية؟

تبرز عدة مخاطر عند الحديث عن وضع صورك أو معلوماتك على أي تطبيق على الإنترنت .. فما بالك بالحديث عن رفعك لصور شخصية قد لا ترغب في أن يراها غيرك مستقبلا لمستقبل ذكاء اصطناعي يعتاش على تخزين المعلومات وجمعها فأبرز هذه المخاطر هي:

  1. تخزين الصور واستخدامها لاحقًا: التطبيقات قد تحتفظ بالصور وتستخدمها في تدريب الذكاء الاصطناعي أو حتى في أغراض تسويقية أو ربما انتحال هويتك حيث يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء هويات مزيفة باستخدام صورك، سواء لتزوير وثائق رسمية أو لخداع الأشخاص عبر الإنترنت.
  2. الاختراقات وسرقة البيانات: أي قاعدة بيانات يمكن أن تتعرض للاختراق، ما يعرض صور المستخدمين للخطر. مجرمو الإنترنت قد يستخدمون صورك الشخصية للوصول إلى بياناتك عبر أساليب مثل “الهندسة الاجتماعية” أو لاختراق الحسابات التي تعتمد على التعرف على الوجه.
  3. التلاعب بالصور وإساءة استخدامها: يمكن استخدام الصور في التزييف العميق (Deepfake) أو تعديلها بطرق غير أخلاقية. مثل التلاعب بصورك لإنتاج فيديوهات أو صور مزيفة قد تُستخدم في الابتزاز، التشويه أو حملات تضليل إعلامي.
  4. عدم وجود ضمانات حقيقية للخصوصية: مع عدم وجود قوانين رادعة أو ضابطة في معظم بلداننا العربية حتى لو ادعى التطبيق أنه لا يحتفظ بالصور، لا يوجد ضمان حقيقي لذلك. ويمكن باستخدام تقنيات التعرف على الوجه، يمكن تتبعك رقميًا وحتى مكانيًا، مما يهدد خصوصيتك في العالمين الافتراضي والواقعي.
وهنا بالطبع لم أتطرق للأثر النفسي والمجتمعي في ظل فرض معايير الجمال المشوهة التي بالطبع قد تؤثر على تقدير الذات، خاصة لدى الشباب

إذن هل الحل يكون فقط بترك هذه التطبيقات؟  

بجواب مختصر: نعم، وهو الخيار الأمثل اما اذا أصررت على استخدام أحدها فأنصحك بالآتي:

  • تجنب استخدام التطبيقات غير الموثوقة التي تتطلب رفع صورك لمعالجتها على خوادمها.
  • امسح أي صورة لا ترغب أن يراها أحد من هاتفك قبل أن يراها الذكاء الاصطناعي.
  • اقرأ البنود بدقة، لا تضغط على “موافق” دون فهمك لما توافق عليه.
  • استخدم تطبيقات تعمل محليًا على جهازك بدلًا من تلك التي ترفع الصور إلى الإنترنت.
  • انشر الوعي في محيطك، خصوصًا بين من لا يدرك هذه المخاطر.

أخيرًا “في عصر الذكاء الاصطناعي… لم تعد صورنا فقط تمثلنا، بل تُباع وتمتلك وتُستخدم دون علمنا.”

فالبيانات اليوم هي العملة الأقوى، والشركات التقنية الكبرى تتغذى على صورك، كلماتك، وملامحك… وما يبدو لك كأداة “مجانية”، ما هو إلا وسيلة ذكية للحصول على شيء أغلى من المال: وجهك، وهويتك، وخصوصيتك.

المستشار الإعلامي مهند سامر

تاريخ النشر: 04-2025