كيف أثرت التغيرات في وسائل الإعلام الجماهيرية على كيفية تجربة الناس للانتخابات الرئاسية؟
المحطات الإعلامية منذ 1960 حتى اليوم
مرت التغيرات في تاريخ وسائل الإعلام الجماهيرية بين عامي 1960 وحتى اليوم بعدة مراحل، بدءًا من عقد الحرب الباردة، مرورًا بعقد القضايا الاجتماعية، ثم عقد التلفزيون الكبلي وصولاً إلى العقد الرقمي، وهو عصر التحول الرقمي الذي سرّع من تداخل وسائل الإعلام. شهد تاريخ وسائل الإعلام الجماهيرية بين 1960 وحتى اليوم العديد من التحولات المهمة (خط زمني لتاريخ الإعلام، دون تاريخ).
أهم المحطات في تاريخ وسائل الإعلام الجماهيرية بين 1960 واليوم: في الستينيات، كان الأمريكيون يعتمدون على التلفزيون بشكل رئيسي كمصدر رئيسي للأخبار بدلاً من الصحف. ثم في عام 1966، أتاح قانون حرية المعلومات للجميع الحصول على معلومات حول السجلات الحكومية. بعد ذلك، بين عامي 1965 و1973، تطرقت تغطية التلفزيون لحرب فيتنام إلى أهمية جديدة وسلطت الضوء على فجوة النزاهة في أخبار الحكومة.
وفي السبعينيات، أصبح برنامج “60 دقيقة” أحد البرامج الأكثر شعبية في البلاد، بالتوازي مع توسع الأخبار التلفزيونية، مما جعل أوراق البنتاغون وفضيحة ووترغيت تساهم في إبراز دور الصحافة.
ثم في “فجر الإعلام”، تم إرسال أول بريد إلكتروني في عام 1971، وافتتحت خدمة أمريكا أونلاين (AOL) في عام 1985، ثم تم إطلاق أول متصفح رسومي في عام 1993 مع أكثر من 200 خادم ويب على الإنترنت.
وقبل “ما بعد الفجر”، بلغ عدد المواقع على الإنترنت مليون موقع في عام 1997، ثم تأسس ويكيبيديا في عام 2002، لتأتي بعدها بداية فيسبوك للطلاب في جامعة هارفارد. وأخيرًا، في “فترة ما بعد الفجر” التي بدأت في 2005، مع أكثر من 8 مليارات صفحة ويب و5 ملايين عضو، وبداية موقع يوتيوب، إلى 2006 مع موقع MySpace، ثم وصل عدد مستخدمي فيسبوك إلى أكثر من 200 مليون مستخدم في 2009، وانتقل إلى أكثر من 400 مليون مستخدم في 2010، ليشمل يوتيوب، فيسبوك، تويتر، لينكدإن، وجوجل+، وغيرها من وسائل الإعلام الجماهيرية في يومنا هذا.
ومن المؤكد أن هناك تحولات نوعية ضخمة في وسائل الإعلام قد حدثت منذ الستينيات حتى اليوم (ماكشيني، روبرت، دون تاريخ). (كورتيس، أنتوني، 2013).
استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية في الحملات الرئاسية بين 1960 (حملة نيكسون/كينيدي) و2012 (حملة أوباما/رومني):
1960: حملة نيكسون/كينيدي: عندما نتحدث عن هذه الحملة، هناك ثلاث نقاط رئيسية تبرز. الأولى هي بداية عصر جديد، الثانية هي كاريزما وحضور كل مرشح، واستعداداتهم النفسية، والثالثة هي مظهرهم واستعدادهم الظاهر. أعلن مرشحا الرئاسة عن بداية عصر جديد من خلال أول مناظرة تلفزيونية، والتي كان لها تأثير كبير على نتائج الانتخابات وطريقة سيرها.
كانت مناظرات كينيدي ونيكسون تبدأ عبر التلفزيون والراديو. ولم يكن لدى كلا المرشحين خبرة سابقة في الظهور التلفزيوني لأنه كان شيئًا جديدًا، لذلك اختار كينيدي أن ينظر إلى الكاميرا باستمرار بينما كان نيكسون ينظر إلى الصحفيين للإجابة على الأسئلة. كان كينيدي مستعدًا لهذا الحدث، مضيئًا ومتألقًا، بينما كان نيكسون يعاني من شحوب وظهور شعره سريع النمو، وكان يرتدي بدلة رمادية فاتحة ذاب لونها في الخلفية.
كان هناك قلة من مستمعي الراديو لمتابعة المناظرات، واعتقدوا أن نيكسون قد فاز لأنه لم يظهر ضعيفًا ومتعرقًا كما رأوه في التلفزيون، وظنوا أن كل شيء كان تحت سيطرته، حيث سمعوا صوته عبر الراديو بشكل واثق، بينما كانت نسبة مشاهدة التلفزيون 88% من الأسر الأمريكية، ولم يستطيعوا مسح الصورة السلبية التي تراسخت في أذهانهم بعد المناظرة الأولى لنيكسون (مناظرات كينيدي-نيكسون، 2010).
2012: حملة أوباما/رومني: تصدَّر أوباما النشاط الرقمي في هذه الحملة، حيث بدأ كل من المرشحين باستخدام منصات الإعلام الجماهيري المختلفة لحملاتهم، مثل الراديو والتلفزيون والإنترنت. استخدموا منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، تويتر، يوتيوب، والمدونات.
تألق أوباما في استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لكن لم يشارك كل من أوباما ورومني في الكثير من الحوار مع الناخبين، حيث كانت منشورات حملة أوباما أكثر بمقدار أربع مرات من منشورات حملة رومني، كما كانت تفاعلات الجمهور مع منشورات رومني أقل بمقدار النصف مقارنة بمنشورات أوباما. على التلفزيون، تم تمييز رومني عن أوباما من خلال التباين في الألوان التي اختارها لرباط عنقه، حيث ارتدى رومني رباط عنق أحمر مع خلفية زرقاء، بينما ارتدى أوباما رباط عنق أزرق مع خلفية بلون مختلف.
وتحدث كلاهما بثقة على الراديو والتلفزيون بخطاب متوازن ومدروس، وتميَّز أوباما بالقرب من خطابه ولغة جسده التي لامست قلوب الناخبين (كيف يستخدم المرشحون الرئاسيون الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، 2012). (المناظرة الرئاسية الأولى: أوباما ضد رومني (جودة عالية – صوت ممتاز)، 2012).
المقارنة والمقابلة:
الحملة |
أوجه التشابه |
الاختلافات |
1960: حملة نيكسون/كينيدي |
– كلا الحملة تهدف إلى نفس الهدف “الفوز برئاسة الولايات المتحدة”، لكن بأسلوب مختلف. |
– استخدم الحملة الراديو والتلفزيون حيث يثق الجمهور بهما كمصادر رئيسية للمعلومات. |
2012: حملة أوباما/رومني |
– استخدمت الحملة وسائل الإعلام الحديثة مثل وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الجمهور مثل تويتر. |
كيف يختلف الإعلام الاجتماعي عن الإعلام الجماهيري:
الفرق بين الإعلام الاجتماعي والإعلام الجماهيري من حيث التعريف هو أن: الإعلام الاجتماعي هو تقنية تعتمد على الحواسيب، حيث يتيح للمستخدمين التفاعل من خلال الشبكات الافتراضية لمشاركة الأفكار والمعلومات باستخدام الحواسيب أو الأجهزة اللوحية أو الهواتف الذكية عبر البرمجيات على الإنترنت للتواصل السريع للمحتوى.
أما الإعلام الجماهيري فيشير إلى جميع قنوات الاتصال، سواء كانت الصحف والمجلات الورقية أو الإلكترونية، التلفزيون، الراديو، الإنترنت، الفاكس، وحتى اللوحات الإعلانات، بما في ذلك الإعلام الاجتماعي، ويمكن استخدامه لعدة أغراض تجارية واجتماعية مثل الإعلانات، والتسويق، والدعاية، والعلاقات العامة، والشؤون السياسية وغيرها من أنواع التواصل (ما هو الإعلام؟ التعريف والمعنى، دون تاريخ). (دولارهيد، مايا إ. 2019).
أوجه الاختلاف بين الإعلام الجماهيري والإعلام الاجتماعي:
الإعلام الجماهيري |
الإعلام الاجتماعي |
يضع الجمهور في موقف سلبي |
يضع الجمهور في موقف تفاعلي |
الرسالة الإعلامية تأتي من الشركات والمعلنين |
الرسالة الإعلامية تأتي من الأصدقاء والمعلنين |
الإعلام الجماهيري يتيح الوصول إلى جمهور واسع |
الإعلام الاجتماعي يتيح تخصيص الاستهداف بشكل أكبر |
كيف أثرت التغيرات في الإعلام على كيفية تجربة الناس للحملات السياسية:
تستمر التغيرات في بيئة الإعلام في التطور بطرق غير متوقعة تؤثر في السياسة. في حين أن الإعلام قد غير طريقة عمل المؤسسات الحكومية، وطريقة تواصل القادة السياسيين مع الناس، وطريقة إجراء الانتخابات، فإن وسائل الإعلام الجماهيرية والاجتماعية قد أثرت بشكل كبير في حياتنا وفي طريقة تفكيرنا من خلال بناء العلاقة بين الإعلام والتغيير الاجتماعي وتعقيد النظام السياسي-الإعلامي.
كما قالت ديانا أوين:
يمكن للإعلام الجديد نقل المعلومات مباشرة إلى الأفراد دون تدخل من المحررين أو القائمين على المؤسسات، وهي الأمور التي كانت جزءًا من الأشكال الإعلامية التقليدية. وبالتالي، قدم الإعلام الجديد مستوى متزايدًا من عدم الاستقرار والتقلب في عملية التواصل السياسي.
لقد سهلت وسائل الإعلام على الناس التواصل مع السياسة وأصبحت جزءًا من المجتمع السياسي، حيث يمكنهم مشاركة آرائهم ومناقشتها مع الآخرين. على سبيل المثال، تفوق أوباما على رومني في الإعلام بشكل أكثر فعالية، ووصل إلى جمهور أكبر مما وصل إليه بوش، وكلينتون، ونيكسون، وكينيدي. ببساطة، فهم أوباما الناس من خلال الإعلام وجعلهم يرغبون في انتخابه، وبذلك فاز في الانتخابات، مما يثبت الدور الفعال بين الماضي والحاضر للإعلام.
في النهاية توسع تأثير رأي الناخب في تصدير وإقناع الآخرين برأيه من دائرة صغيرة إلى منطقة واسعة عبر وسائل الإعلام الاجتماعية، كما أن تنوع المحتوى في الإعلام الجديد قد أتاح فرصًا لزيادة سماع الأصوات المختلفة.
المستشار الإعلامي مهند سامر
تاريخ النشر: 01-2019